الأربعاء، 21 يناير 2015

قول الله سبحانه و تعالى: ﴿مَثَلُ الَّذِينَ اتَّخَذُوا مِن دُونِ اللَّهِ أَوْلِيَاء كَمَثَلِ الْعَنكَبُوتِ اتَّخَذَتْ بَيْتاً وَإِنَّ أَوْهَنَ الْبُيُوتِ لَبَيْتُ الْعَنكَبُوتِ لَوْ كَانُوا يَعْلَمُونَ﴾ [العنكبوت: 41] كان يفهم منها غير ما فهمه اليوم المتخصصين في علم الحشرات، وهو ما سأتناوله بالتفصيل إن شاء الله، وإن كان ما فهموا لا يتصادم مع الفهم الحديث إلا أن ما توصل إليه العلماء اليوم يعتبر تفسيرا جديدا ومكملاً لذلك المعنى، وحاصل ذلك هو كشفا علميا ومعلومة حديثة كانت خافية على الكثير ممن سبقنا ، وهذا هو الإعجاز العلمي الذي من خلاله يتأكد لنا ولغيرنا أن القرآن حق نطق به العليم الخبير وأنزله  على النبي محمد صلى الله عليه وسلم وعلى جميع لانبياء والمرسلين . اختاره الله سبحانه، ليكون مبلغا عن الله غير كاذب ولا ساحر ولا أفاك. سياق الآية عبارة عن مثل ضربه الله تعالى مشبها به حال المشركين، واتخاذهم للشركاء من دون الله كمثل العنكبوت في اتخاذها بيتاً .
الوهن :  يعني الضعف، وهذا المعنى هو الصحيح في لغة العرب بدون خلاف، فيمكن أن نطلق على كل شيء فيه ضعف في بنائه أو في قوته أو في منظره أو في متانته والله واسع عليم ، أن فيه وهن، قال زكريا عليه الصلاة والسلام: ﴿قَالَ رَبِّ إِنِّي وَهَنَ الْعَظْمُ مِنِّي وَاشْتَعَلَ الرَّأْسُ شَيْباً وَلَمْ أَكُن بِدُعَائِكَ رَبِّ شَقِيّاً﴾ [مريم: 4].

وفى ضرب الأمثال من تقرير المقصود مالا يخفى، لأن المثل أعون شيء على البيان، إذ الغرض من المثل تشبيه ، وفيه أيضاً تبكيت الخصم، ولقد كثر في القرآن الأمثال، قال تعالى: ﴿وَلَقَدْ ضَرَبْنَا لِلنَّاسِ فِي هَذَا الْقُرْآنِ مِن كُلِّ مَثَلٍ لَّعَلَّهُمْ يَتَذَكَّرُونَ﴾ [الزمر: 27]وقال تعالى: ﴿وَتِلْكَ الْأَمْثَالُ نَضْرِبُهَا لِلنَّاسِ وَمَا يَعْقِلُهَا إِلَّا الْعَالِمُونَ﴾ [العنكبوت: 43] فالأمثال تصور المعاني بصورة الأشخاص لأنها أثبت في الأذهان لاستعانة الذهن فيها بالحواس ومن ثم كان الغرض من المثل تشبيه،أن الحق لما كان واضحا جليا تمثل له بالضياء والنور وأن الباطل لما كان بضده تمثل له بالظلمة وكذلك جعل بيت العنكبوت مثلا في الوهن والضعف.

 قال الله سبحانه وتعالى: ﴿وَمَنْ أَضَلُّ مِمَّن يَدْعُو مِن دُونِ اللَّهِ مَن لَّا يَسْتَجِيبُ لَهُ إِلَى يَومِ الْقِيَامَةِ وَهُمْ عَن دُعَائِهِمْ غَافِلُونَ﴾ [الأحقاف: 5] أي لا أحد أضل منه وقال تعالى: ﴿وَمَن يَدْعُ مَعَ اللَّهِ إِلَهاً آخَرَ لَا بُرْهَانَ لَهُ بِهِ فَإِنَّمَا حِسَابُهُ عِندَ رَبِّهِ إِنَّهُ لَا يُفْلِحُ الْكَافِرُونَ﴾ [المؤمنون: 117] وقال الله عز وجل: ﴿إِنَّ الشِّرْكَ لَظُلْمٌ عَظِيمٌ﴾ [لقمان: 13] فالشرك أعظم الظلم لأن الظلم هو وضع الشيء في غير موضعه ولا أعظم ظلما من شكاية العبد ربه الذي هو أرحم الراحمين فيما أصابه من ضر أو فاته من خير إلى من لا يرحمه ولا يسمعه ولا يبصره ولا يعلمه ولا يملك لنفسه ولا لداعيه من ضر ولا نفع ولا موت ولا حياة ولا نشور ولا يغني عنه مثقال ذرة وعدوله عمن بيده ملكوت كل شيء وهو يجير ولا يجار عليه ويفزع في قضاء حوائجه إلى من لا قدرة له على شيء البتة، ﴿وَالَّذِينَ تَدْعُونَ مِن دُونِهِ مَا يَمْلِكُونَ مِن قِطْمِيرٍ * إِن تَدْعُوهُمْ لَا يَسْمَعُوا دُعَاءكُمْ وَلَوْ سَمِعُوا مَا اسْتَجَابُوا لَكُمْ وَيَوْمَ الْقِيَامَةِ يَكْفُرُونَ بِشِرْكِكُمْ وَلَا يُنَبِّئُكَ مِثْلُ خَبِيرٍ﴾ [فاطر: 13-14].

وصرفه عبادة خالقه الذي خلقه لعبادته وتوحيده ورباه بنعمه الظاهرة والباطنة وحفظه وكلأه بالليل والنهار وحماه من جميع المخاوف والأخطار لمخلوق مثله خلقه الله بقدرته ولم يكن من قبل شيئا بل هو مسخر مدبر مربوب متصرف فيه الله تعالى بم شاء من أنواع التصرف لا يبدي حراكا ولا ينفك من قبضة الله عز وجل بل هو خلقه وملكه، مخلوق لعبادته فيرفعه من درجة العبودية والتأله إلى جعله مألوها معبودا، هذا والله أظلم الظلم وأقبح الجهل وأكبر الكبائر ولذا لم تدع الرسل إلى شيء قبل التوحيد ولم تنه عن شيء قبل التنديد ولم يتوعد الله على ذنب أكبر مما جاء على الشرك من الوعيد الشديد.


ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق